في حفل بهيج حضره مجموعة من نخبة الكتاب والنقاد والمهتمين بالشأن الثقافي، دشّن الكاتب ناجي جمعة روايته "مزامير أوال" مساء الجمعة الماضي الأول من مارس 2024م، وقد سنحت لي الفرصة لإدارة اللقاء الذي استمر لمدة ساعة في الحديث عن الرواية بنادي سماهيج.
اجتهد الكاتب ناجي جمعة كثيراً في إعطاء صورة تفصيلية للبيت البحريني المعتق بالتراث والمحمّل بالكثير من شقاء العيش، وفي ذات الوقت بساطة العيش وذلك في الفترة من 1913 - 1932م، وأبدع بواسطة اجتهاده هذا، في نقل صورة حية وحركية نستطيع مشاهدتها بالصوت والصورة من خلال قراءة صفحات الرواية، فالرواية تحمل كماً كبيراً من الصور والتعابير ومن المعلومات والمعرفة.
انتقل بنا الكاتب إلى أماكن ومرافيء كثيرة، براً وبحراً، فهيأ لنا الزمان والمكان وكأننا نحن من نسكن فيه، فتحولت الفقرات في الرواية إلى مشاهد متحركة وكأنها شاشة مرئية، بل أبعد من ذلك، من فرط ما لقدرة الكتابة أن تجعلك تعيش اللحظة وتشعر بإحساسها كما لو كنت مكان متحدثيها الرواة.
اعتمدت رواية مزامير أوال على تقنية تعدد الأصوات والرواة، ما جعل من الكاتب يفرد أجنحته التاريخية والأدبية والاجتماعية إلى أقاصيها، ليحلق بنا في مادة دسمة مليئة بالأحداث المشوقة، ووظف الكاتب أسماء الشخصيات في الرواية بما يخدم النص، عن طريق اختيار ألقاب تتناسب مع الحقبة الزمنية التي تتحدث الرواية عنها، وتدور الأحداث حولها.
وبلغةٍ أدبية ثرية، استطاع الكاتب ناجي جمعة أن ينسج خيوط روايته بأسلوب رائع، اتسم بالبساطة والقوة في آن، في كتاب متناسق الحجم حمل في طياته 442 صفحة، في عالم مليء بالتفاصيل التاريخية والتراثية والاجتماعية، وما ميّز الكتاب غُلافه المتقن بالأبعاد الجمالية للصورة التراثية القديمة في مملكة البحرين، حيث زرقة السماء، وإطلالة البحر على الساحل بشبابها ورجالاتها وشيبانها ونسائها، وأطفالها الذين يلعبون، كلها تشكل ثيمة المكان بنخيله وزرعه ومبانيه الطينية والخشبية.